ذكر الله تعالى في القرآن الكريم قصّة مريم عليها السلام ضمن سياقٍ قرآنيٍ يبيّن فَضْل آل عمران، وكيف اصطفاهم الله، واختارهم على العالمين، ومن بين تلك الذريّة الطاهرة جاءت مريم التي جعلها الله وابنها آيةً للعالمين، فقد اختارها الله لتحمل بعيسى عليه السلام دون أبٍ، فاشتملت على كثيرٍ من العِبر والآيات التي تُظهر قدرة الله على الخَلْق والإيجاد , وفي مقالنا هذا من موقع الجنينة سنذكر كم مدة حمل مريم بعيسى عليه السلام .

كم مدة حمل مريم بعيسى :

 

قال القرطبي في تفسيره إن مدة حمل مريم كحمل عامة النساء على المشهور

كما نُقل عن أهل العلم قوْلهم إن مريم حملت بعيسى -عليه السلام- مدة ثلاثة أيّامٍ، وذكر بعضهم أنّها حملته لساعاتٍ معدودةٍ.

ورجّح المحققون من أهل العلم أنْ تكون تلك المدّة تسعة أشهرٍ حملاً على الأصل في مسألة الحَمْل، بأن تكون المدة كاملة باعتبار عدم وجود ما يقتضي صرف المعنى إلى غير ذلك .

وقد ذكر ابن كثير في تفسيره رواية عن مدة حمل مريم بعيسى عليه السلام مرجّحاً أنّها حَملت بعيسى كما تحمل النساء بأولادهنّ.

واستدلّ على ذلك: بما ورد في الأثر من أنّ رجلٌ صالحٌ من أقاربها كان يخدم في البيت المقدس معها، قد انتبه لعلامات الحَمْل عندها، وقد امتنع عن سؤال مريم عن حَمْلها؛ لعلمه بإيمانها، وعفّتها، وحين عَظُم حجم بطن مريم، سألها الرجل عن حالها. فأجابت بأنّ الله قادرٌ على خَلْق إنسانٍ دون أبٍ؛ لأنّه خلق الشجر والزرع أوّل مرةٍ دون حبٍّ أو بذرٍ، وكذلك خلق آدم -عليه السلام- من دون أبٍ، فصدّق الرجل كلام مريم بمجرّد سماعه لجوابها.

 

الوضع بعد الحمل مباشرة :

 

ذكر ابن جريج روايةً عن المغيرة بن عتبة بن عبد الله، أنّه سمع عبد الله بن عباس يقول: إنّ مريم حملت بعيسى -عليه السلام-، ثم لم يكن إلّا أن وضعته

وربما استدلّ ابن عباس -رضي الله عنهما- على ذلك بقَوْله تعالى -: “فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا*فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ”

وأنّ الفاء في الآية تُفيد تعاقب المراحل. ويُردّ على ذلك: بأنّ الفاء بالرغم من أنّها تفيد التعقيب، إلّا أنّ كلّ تعقيبٍ يكون بحسبه

ودليل ذلك أنّ الله -تعالى ذكر خلق الإنسان معقّباً كلّ مرحلةٍ على الأخرى

فقال عز وجل -: “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ*ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ*ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا”

فيكون القول بأن مريم حملت بعيسى عليه السلام ثم وضعته غريب من هذا الوجه.

 

وفي ختام مقالنا هذا عن قصة مريم حكمة الله في حمل السيدة مريم وقد تجلت حكمة الله في خلق عيسى عليه السلام دون أبٍ في أن الله تعالى أراد أن يُظهر قدرته على الخَلْق باختلاف الأحوال والظروف، فقد خلق الله آدم عليه السلام من غير أبٍ ولا أمٍّ، كما خلق حواء من ذكرٍ فقط دون أنثى من آدم، ثم جعل الخلق من ذكرٍ وأنثى. ثم جاء خلق عيسى عليه السلام من أمٍ بلا أبٍ مكملاً مظاهر الإعجاز الإلهي في الخلْق، وتأكيداً على عظمة قدرته، ونفاذ إرادته سبحانه .