تعد قصة النبي يوسف عليه السلام من القصص القرآنية الكثيرة المحبوبة لدى المسلمين ، حيث أطلق عليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم اسم كريم بن الكريم بن الكريم ،كيف يمكن ألا يكون الأمر كذلك؟ و هو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام وهو من أشهر الشخصيات في القرآن الكريم وكذلك في الكتب اليهودية مثل التوراة والإنجيل حيث اشتهر يوسف عليه السلام بجماله الآسر وأخلاقه الحميدة وفضله يعقوب عليه السلام على بقية إخوته الأحد عشر ، وكان للنبي يوسف القدرة على تفسير الأحلام.

قصة يوسف عليه السلام

نشأة يوسف عليه السلام بين حب الأب وحقد الأخوة

قصة يوسف عليه السلام حيث نبدأ في سرد ​​أحداثها نشأ يوسف عليه السلام في بيت أبيه يعقوب عليه السلام ينعم بحب ولطف وحنان أبيه وتميز يوسف منذ طفولته بأخلاقه النبيلة ، وقد اجتمعت فيه كل صفات الخير في الخلق والشكل والجسد منذ صغره ، لذا أحبّه والده وعلق قلبه به من بين إخوته ،وزادت مكانته لدى أبيه ، عندما رأى رؤيا رآها علم والده أنها دليل على أنه سيكون من الأنبياء الصالحين الهمّين في الدنيا والآخرة و تلك الرؤية هي أن  اخبر يوسف أباه أنه رأى فيها أحد عشر نجماً والشمس والقمر يسجدون له.

و طلب يعقوب من ابنه الطاهر ألا يخبر إخوته بهذه الرؤية ؛ حتى لا يحمل اخواته له الكراهية والحقد والحسد ، فإن الشيطان يتربص بين الناس ، ويجعل بينهم عداوة وكراهية ،إلا أن يعقوب لم يستطع إخفاء فرحته التي زادت من مدى حبه لهذا الصبي الذي كانت عليه ملامح النبوة فلم يكن أحد من إخوة يوسف إلا أن وسوس الشيطان في صدورهم ، وأشعل نيران الكراهية والحسد في قلوبهم.

مؤامرة الأخوة

زادت كراهية إخوة يوسف ضده مع زيادة اهتمام والده به ، لذلك قرروا التخلص منه ليكونوا مميزين في حب والدهم ، لذلك بدأوا في التشاور حول طريقة للتخلص من يوسف ،فوافقوا على رميه في البئر ، حيث كادوا له ، وطلبوا من والدهم إرسال يوسف معهم للعب والاستمتاع معهم ، لكنهم أقنعوه ، وأرسل معهم يوسف ، وألقوا به في البئر ، وسرقوا منه قميصه ، وزوروا دمه ، وأتوا إلى أبيهم باكينًا ونوحًا ، وألقوا عليه قميص يوسف مغطى بدم كاذب وزعموا أن الذئب أكله ، ولكن يعقوب عليه السلام لم يرد على روايتهم.

التقاط القافلة ليوسف

وفي الأحداث القادمة من قصة يوسف عليه السلام ، باختصار ، يجلس يوسف في البئر منتظرًا رحمه الله ، فمررت قافلة متنقلة على البئر ، وألقت دلوها في البئر ، راغبًا في الماء ، فخرج يوسف اليهم بالدلو ففرح به صاحب القافلة ، وتظاهر بامتلاكه له ، زعموا أنه غلامهم ، فاشتروه منهم مقابل دراهم زهيدة ، وأخذوه إلى مصر ليبيعوه لعزيز مصر ووزيرها ، الذي كرمه واصطحبه لتربيته في بيته ، وهو الخطوة الأولى لتمكين يوسف في الأرض.

فتنة امرأة العزيز

يوسف – عليه السلام – نشأ وترعرع في بيت العزيز وزوجته ، وعندما بلغ سن الرشد حاولت زوجة العزيز إغرائه وأرادت أن تجعله يرتكب الفاحشة فخدعتها و حاولت أن تغريه ولكن يوسف – عليه السلام – ذكر الله – سبحانه وتعالى – وذكر نعمة الله عليه فقال : (مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)، واعتبر يوسف – عليه السلام – أن فعل هذا خيانة وظلمًا لنفسه وظلمًا لمن كرمه وأقامه في بيته ، وتعوذ بالله من هذه الفتنة ولجأ إليه ليحميه منها ، واندفع إلى الباب هربًا منها ، لكنها تبعته وأمسكت بقميصه من الخلف ، فتشقق في يدها ،حيث قال تعالى-: (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ)، ثم ظهر زوجها فاشتكت له يوسف – عليه السلام – واتهمه بمحاولة إغرائها ،ولكن الله تعالى جعل طفلاً صغيراً في مهده ينطق ، فشهد أن زوجة العزيز كاذبة وأنها هي التي تحاول إجبار يوسف على ارتكاب الفاحشة ، ورغم معرفة زوجها استمرت في المحاولة ، و وكلما عصىها ورفض ذلك زاد غضبها ثم هددته وأعطته الخيار ، إما أن يطيعها في ما تريد ، أو تسجنه إلى أجل غير مسمى ، و رفض يوسف طاعتها ، وفضل الحبس على معصية الله تعالى ، وبالفعل جعلته يسجن لسنوات عديدة.

دخول يوسف عليه السلام السجن

بعد سجن زوجة العزيز لوسف عليه السلام ، استغل الرسول الكريم سنوات سجنه بعبادة الله تبارك وتعالى ، ودعوة المساجين لدين التوحيد و دين عبادة الله الواحد وبدأ يعلمهم أحكام دينهم وشريعة الله ، وأثناء سجنه أعطاه الله تعالى علم التفسير ، وبدأ يفسر أحلام المساجين، ومن بينهم ساقي ملك مصر وطباخه حيث حلم الطباخ أنه يحمل خبزًا على رأسه وأن الطيور تأكل منه ، ففسر له حلمه بأنه سيُقتل بتسميم الملك ويصلب ثلاثة أيام وطيور السماء تأكل من رأسه ،ورأى خادم الملك أيضًا أنه كان يعصر على سيده الخمر ويعطيه الماء ، فشرح له يوسف أنه سيطلق سراحه من السجن وستثبت براءته ، وسيعود إلى مهنته وعمله وبالفعل تحقق ما قاله وأمر نبي الله الشاب الهارب من السجن أن يذكره للملك ليخرجه من السجن ، ولكن شاء الله تعالى: الشاب ينسى أمر نبي الله يوسف ، وتمضي السنين ويرى الملك حلما غريبا و المفسّرون والسحرة عاجزون عن تفسير حلمه ،فيتذكر الساقي يوسف الذي شرح له حلمه فيذهب إليه ويعطيه الرؤية الرائعة فيفسر له يوسف الرؤية ، ويرجع الساقي إلى الملك ويخبره بما قالها يوسف ،وعندها يأمر الملك بإطلاق سراحه من السجن ، لكن يوسف يرفض الا أن يحقق الملك في سبب حبسه ، ويطالب بمحاكمة زوجة عزيز التي افترت عليه و سجنته ظلما ،و يطبق الملك ما طلبه يوسف عليه السلام ، و يقوم بمحاكمة زوجة العزيز ، ويظهر براءته أمام كل أهل مصر بعدها يخرج يوسف من السجن ويكون الملك عينه مستشارًا له بعد أن رأى وفرة علمه وحكمته العظيمة ، وأحبه الملك وقربه منه ، وبعد وفاة العزيز يعينه إلى منصب العزيز ليكون حاكمًا لمصر.

مرحلة ما بعد السجن والتمكين في الأرض

و يأتي الفرج وخرج رسول الله من السجن وذهب إلى الملك وعينه وصيا على خزائن الأرض و تغيرت حالة نبي الله يوسف من سجن إلى مكانة عالية في مصر ، واستقر الجفاف في المملكة ، وتحققت رؤية الملك ، وبدأ الجميع في القدوم إلى مصر لأخذ بعض الحنطة لتغطية نفقاتهم ويظهر إخوته الذين كانوا يطلبون الحنطة في مصر ، فعرفهم النبي يوسف ليجنبوا معرفته فقال تعالى: (وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) ،ففكر يوسف  في خطة لم شمل الأسرة كلها ، والقدوم إلى مصر للعيش فيها ، وقد تحقق ذلك في النهاية ، وسجد الجميع لنبي الله يوسف عليه السلام ابن إسحاق ، وتحققت نبوة يوسف عليه السلام حيث قال تعالى ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) .

الى هنا نختم مقالنا الذي تناولنا فيه قصة النبي يوسف عليه السلام بكل تفاصيلها.