سوف نتعرف معاً في هذا المقال ربنا اتنا من لدنك رحمة شرح الدعاء و تفسير المفردات الموجودة في هذا الدعاء أكمل القراءة لمعرفة المزيد.

تفسير مفردات الدعاء:

(رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)

  • الهيئة: تعتبر الحالة التي يكون عليها الشيء المحسوسة أو المعقولة.
  • والأصل في التهيئة: إحداث هيئة الشيء، أي رتب و أصلح و حسن.
  • الرشد: عكس الغي، ويُستعمل بمعنى الهداية أو الصلاح.
  • والأصل فيه: إصابة للطريق الصحيح الموصل إلى المكان المطلوب، الهداية به.

ربنا اتنا من لدنك رحمة شرح الدعاء:

يخبرنا ربنا عز وجل عن أولئك الفتية الذين فرّوا بدينهم من قومهم لئلا يفتنوا به، فهربوا منهم، ولجأوا إلى غارٍ في جبل ليختفوا عن قومهم، فقالوا حين دخلوا سائلين اللَّه تبارك و تعالى من رحمته ولطفه.

أفادت هذه الآية أن وظيفة المؤمن هي التفكر في جميع آيات اللَّه تعالى التي دعانا اللَّه تبارك و تعالى جميعاً إلى التفكر فيها، والمنبثقة في ملكوت السماوات والأرض، وأن كل آية تدلّ على كمال وحدانية الله جلّ وعلا، وأن آياته لم تخلق عبثاًإطلاقاً، وإنما فيها من بديع الحكم ما يهتدي بها أهل الإيمان والصلاح، فيزدادون إيماناً وصلاحاً، ومفتاح إلى كسب العلوم و المعرفة، واليقين إليهم.

فلما فرّوا بدينهم ممن كان يطلبهم من الكافرين، وبذلوا في ذلك السبب اشتغلوا بأهم الأسباب وهي: التضرّع إلى اللَّه و الالتجاء إليه بالدعاء، فقالوا: ﴿رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً﴾: سألوا اللَّه عز وجل أنْ يمنَّ عليهم برحمة عظيمة، كما أفاد التنوين في ﴿رَحْمَةً﴾ تناسب عنايته باتّباع الدين الذي أمر به، وهو ما يشير إليه قوله تعالى: ﴿مِنْ لَدُنْكَ﴾، فإن ﴿مِنْ﴾، تفيد معنى الابتداء، و﴿لَدُنْكَ﴾: تفيد معنى العندية، فذلك أبلغ ما لو قالوا: آتنا رحمة؛ لأن جميع الخلق في محل الرحمة)، فسألوا رحمة خاصة من ربهم تبارك و تعالى تقتضي العناية الكاملة بهم، وتفيض عليهم من الإحسان والإنعام الكامل بالنعم.

وقوله: ﴿وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ أي يسِّر لنا و سهِّل لنا الوصول إلى طريق الهداية و الرشاد في أقوالنا و أفعالنا في أمور ديننا و أمور دنيانا.

حيث جمعوا بين السعي والفرار من الفتنة إلى محل يمكن الاستخفاء فيه، وبين تضرّعهم وسؤالهم اللَّه تبارك و تعالى و تيسير أمورهم، وعدم اتكالهم على أنفسهم، وعلى الخلق، فجعل اللَّه تبارك و تعالى لهم مخرجاً، ورزقهم الله عز وجل من حيث لا يحتسبون، وهي سُنّة اللَّه عز وجل التي لا تتبدل مع المتقين الصادقين، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾.

وهذا السؤال من المؤمنين كان من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم في سؤاله لربه عز وجل (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَهْدِيكَ لأَرْشَدِ أَمْرِي)، (وَمَا قَضَيْتَ لِي مِنْ قَضَاءٍ، فَاجْعَلْ عَاقِبَتَهُ رَشَدًا).

الفوائد العظيمة لهذا الدعاء:

1- يجب الفرار من جميع الأماكن و أي مكان لا يستطيع العبد التمسك بدينه فيه، وإن ذلك من الواجبات على كافة المضطهدين.

2- أنَّ من أوى إلى اللَّه تبارك وتعالى ، أواه اللَّه عز وجل ولطف به وأحسن إليه، وجعله من أسباب هداية الناس الضالة.

3- أنّ من ترك شيئاً للَّه عز وجل عوّضه اللَّه بأفضل منه.

4- أنّ اتقاء اللَّه تبارك و تعالى يجعل لك مخرجاً من كل ضيق و يوسع الله في رزقك من حيث لا تحتسب.

5 – ينبغي لعباد الله أن يجمعوا بين جميع الأسباب الدنيوية منها والشرعية المطلوبة.

6- أنّ رحمة اللَّه عز وجل هي نوعان: رحمة عامة لكافة الخلق مؤمنهم، وكافرهم، ورحمة خاصة بالعباد الصالحين الطائعين التي تقتضي العناية والتوفيق، والعبد يسأل ربه تبارك و تعالى دائماً أن يمنَّ عليه من خزائن رحمته و مغفرته الخاصة.

7- أنّ الدّعاء ينبغي أن يستجمع معه بذل الأسباب، فهم سألوا اللَّه عز وجل، ثمّ بذلوا الأسباب التي منها فرارهم بدينهم إلى الغار.

في نهاية المقال، لقد قدمنا لكم شرح دعاء ربنا اتنا من لدنك رحمة ، وكذلك “الفوائد العظيمة لهذا الدعاء” بالإضافة إلى تفسير مفردات الدعاء.