هل الميت يسمع؟ هو من الأسئلة البارزة والشهيرة التي يحاول مجموعة كبيرة من الناس معرفة الإجابة عنها، فقد امر الدين الإسلام في زيارة القبور والدعاء للموتى وإلقاء السلام عليهم، فلماذا أجاز بل امر الإسلام ذلك، هل لأن الميت يسمع من يزوره، أم لأسباب أخرى؟ هذا ما سوف نكتشفه في موقع الجنينة في موضوعنا الآتي.

هل الميت يسمع

هل الميت ينصت أم لا؟ هو إحدى الاحكام التي وقع بها خلاف بين العلماء الدين الإسلامي، فمنهم من قال بسماع الميت في قبره مثل شيخ الإسلام ابن تيمية، ومنهم من نفى هذا الأمر، وقد استدل كل فريق من هؤلاء لمجموعة كبيرة من الأدلة من السنة والكتاب، وآرائهم كانت كما يلي:

الرأي الأول

قال هؤلاء: أن الميت ينصت من حوله وهو مدفون في القبر، واستدلوا بذلك بحديث خادم النبي صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ المَيِّتَ إذا وُضِعَ في قَبْرِهِ، إنَّه لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعالِهِمْ إذا انْصَرَفُوا)، كذلك استدلوا على ذلك بما جاء عن حديث أنس بن مالك أيضًا قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، تَرَكَ قَتْلَى بَدْرٍ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَامَ عليهم فَنَادَاهُمْ، فَقالَ: يا أَبَا جَهْلِ بنَ هِشَامٍ يا أُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ يا عُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ يا شيبَةَ بنَ رَبِيعَةَ أَليسَ قدْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فإنِّي قدْ وَجَدْتُ ما وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا فَسَمِعَ عُمَرُ قَوْلَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، كيفَ يَسْمَعُوا وَأنَّى يُجِيبُوا وَقَدْ جَيَّفُوا؟ قالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ ما أَنْتُمْ بأَسْمع لِما أَقُولُ منهمْ، وَلَكِنَّهُمْ لا يَقْدِرُونَ أَنْ يُجِيبُوا).

الرأي الثاني

قال هؤلاء: أن الميت لا يستطيع أن يسمع الحيّ بأي وقت من الأوقات، فلا يوجد هناك دليل ظاهر وصريح يبيّن أن الميت يسمع الحي، واستدلوا بقولهم هذا على نفي عائشة أم المؤمنين لذلك محتجة بقول الله تعالى: {إنك لا تسمع الموتى}، وقالوا أن سَماع المَيت لطرق نعل عائلته عند ذهابهم يكون فقط أول ما يدفن في القبر كبداية لمراحل السؤال والحساب في القبر.

رأي ابن تيمية

قال شيخ الإسلام ابن تيمية إن المَيت يَسمع في قبره، ولكن هذا الانصات لا يكون مستمرا وهو في قبره، وإنما يكون ذلك في حالات معينة ومحددة كذلك قال الحافظ  الامام ابن كثير بسماع الميت للحي، واستدل برأيه لما جاء في سورة الروم عن سَماع المَيت للحي.

هل الميت يسمع عند غسله

بحسب العلامة الشيخ ابن باز: فإنه لا يوجد أي دليل من الكتاب أو السنة النبوية يظهر أن الميت يسمع الكلام خلال القيام بتعسيله، كذلك لا يعرف من قام بغسله ولا يحس بذلك، واستدل ابن باز بقوله هذا بالآية الكريمة في كتاب الله: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ}، وقوله تعالى في سورة فاطر: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}، فمتى توفي الإنسان، فإن عمله ينقطع، فلا يستطيع سماع دعاء الأحياء له، ولا يسمع من يجلسون حوله، ولكن يجب الإكثار من الدعاء للميت عند دفنه في القبر، والدعاء الذي جاء في السنة للميت عند دفنه هو: “اللهم اغفر له اللهم ثبته عند السؤال، اللهم اغفر له وثبته بالقول الثابت”.

هل الميت يسمع من يزوره ابن باز

سماع الميت لمن يأتي الى قبره هي مسألة فيها خلاف كبير بين العلماء، وقد جاء في في بعض الأحاديث أن زيارة الحي لقير الميت تفييده وتنفعه، كما ورد في الحديث النبوي عن الصحابي حبر الامة عبدالله بن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما مِن أحدٍ يَمُرُّ على قبرِ أخيه المؤمنِ فيُسَلِّمُ عليه إلا عَرَفَه، وردَّ عليه) فإنه يجو الدعاء للميت وقول السلام عليه سواءً كان الانسان يعرفه أو لا يعرفه، فزيارة القبور هي إيجابية للميت والحيّ، فهي للحي تذكير له بالآخرة والحساب، وللميت علو له ولدرجاته في حال الدعاء له.

في نهاية موضوعنا نكون قد استكشفنا عن هل الميت يسمع حيث كان لمجموعة كبيرة من الفقهاء مجموعة من الآراء في ذلك، فمنهم من اكد على مسألة سَماع المَيت للحي بالاستدلال على مجموعة كبيرة من الأحاديث، ومنهم من نفى ذلك.