إن التوسل بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأمور الخلافية بين العلماء قديما وحديثا، فإن حبُّ الرسول وإن كان واجباً ولكن هناك فرق بين الحب الواجب والإطراء المنهي عنه شرعاً ،والأولى تركها خوفا من وقوع الناس في توسل غير مشروع، أو أن يتحول التوسل إلى استغاثة بالمقبورين وغير ذلك من المخالفات الشرعية ومن خلال موقع الجنينة سنوضح حكم التوسل بجاه النبي.

معنى الوسيلة

الوَسِيلةُ في اللغة: المَنْزِلة عند المَلِك، والوَسِيلة: الدَّرَجة، والوَسِيلة: القُرْبة، ووَسَّل فلانٌ إِلى الله وسِيلةً إِذا عَمِل عملاً تقرَّب به إِليه، والواسِل: الراغِبُ إِلى الله؛ قال لبيد:أَرى الناسَ لا يَدْرونَ ما قَدْرُ أَمرِهم بَلى كلُّ ذي … رَأْيٍ … إِلى الله واسِلُ وتوَسَّل إِليه بوَسِيلةٍ إِذا تقرَّب إِليه بعَمَل، وتوَسَّل إِليه بكذا: تقرَّب إِليه بحُرْمَةِ آصِرةٍ تُعْطفه عليه، و الوَسِيلةُ: الوُصْلة والقُرْبى، وجمعها الوسائل ، ولا يخرج معنى الوسيلة الشرعي عن ذلك المعنى اللغوي، فإن قضية حياة المسلم هي أن يتقرب إلى الله ويحصل رضاه وثوابه، ومن رحمة الله بنا أن شرع لنا كل العبادات وفتح باب القرب إليه، فالمسلم يتقرب إلى الله بشتى أنواع القربات التي شرعها الله عز وجل، وذلك عندما يصلي المسلم فإنه يتقرب إلى الله بالصلاة، أي أنه يتوسل إلى الله بهذه الصلاة، وعليه فإن القرآن كله يأمرنا بالوسيلة (بالقرب) إلى الله.

التوسُّل إلى الله بذات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ

بمعنى أن يدعو الداعي ربه راجيًا الإجابة إكرامًا للنبي لمنزلته عنده ، ومِثْل النبي في ذلك غيره من الأنبياء، فيقول الداعي : أسألك اللهم بنبيك، أو بجاه نبيك أن تغفر لي ، وهذه العبارة تحتمل أمرين :

  1.  الاول : القَسَم وأداة القَسَم هي الباء مثل : بالله أن تجلس أو تفعل كذا، على معنى أُقسم بالله ، والجمهور يمنعون القسم بغير الله يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ” من كان حالفًا فلْيحلف بالله أو ليَصمُت ” ، وأجاز أحمد بن حنبل في رواية عنه القسَم بالأنبياء .
  2.  و الثاني عدم القسم، إذا أُريد بالباء السببية، والمعنى أسألُك يا الله بسبب نبيك أن تُكْرِمَني، فإن كان المراد : بسبب الإيمان به وحبُّه وطاعته فلا غُبار عليه؛ لأنه توسُّل بعمله هو، وهو قُرْبَة إلى الله تعالى . وإن كان المراد : بسبب ذاته، أو بسبب منزلته من الله ووجاهته عنده، فهذا هو الذي احتدم الخلاف حوله بين العلماء .

ما حكم التوسل بجاه النبي

هذه مسالة اختلف فيها الفقهاء ، ولذلك ونحن ندعو ينبغي علينا أن ندعو بما نجد قلوبنا عنده ولم يرد في السنة الصحيحة، التوسل بجاه النبي وإن كان قد وردت بعض الأحاديث الضعيفة التي يستدل بها كثير من الناس على جواز التوسل بالنبي المصطفى ، وصورة أخرى أن يدعو الإنسان الله سبحانه وتعالى ويتوسل إليه بحبه لنبيه ؛ لأن حب الله للنبي صفة من صفات الله القديمة التي لا اختلاف بين العلماء في جواز التوسل بها، فإذا كان هو يريد أن يظهر علو مقام النبي المصطفى في قلوبنا وحبه إليه ؛ فإننا نتوسل إلى الله بصفة من صفاته سبحانه وتعالى تتعلق بالنبي وبذلك نخرج من كل هذا الخلاف، ولكن هذه مسالة خلافية ولذلك أنا أنصح السائل ألا يجعلها قضية بينه وبين الآخرين وأن يتوسل إلى الله بحبه لنبيه .

أقوال العلماء في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

وقد اختلف العلماء في التوسل بالنبي – صلى الله عليه وسلم – على قولين مشهورين:

  • أحدهما: الجواز فلا مانع من التوسل بجاه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وكذلك سائر الأنبياء وهذا محل اتفاق بين المذاهب الأربعة بل نقل جمع كبير من العلماء الإستحباب ، وممّن أيّد التوسل بجاهه صلّى الله عليه وسلم الإمام الشوكانيّ كما وصرّح الشيخ محمّد بن عبد الوهاب بعدم التّحريم وأنّها من المسائل الفقهية الفرعية التي لا ينبغي انكارها.
  • والثاني : المنع ، وهو منقول عن أبي حنيفة، وأحمد، وغيرهما. هل يجوز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم قال ابن تيمية – رحمه الله – ” ..لم يكن الصحابة يفعلونه ، في الاستسقاء ونحوه ، لا في حياته ولا بعد مماته , لا عند قبره, ولا غير قبره، ولا يعرف هذا في شيء من الأدعية المشهورة بينهم، وإنما ينقل شيء من ذلك في أحاديث ضعيفة مرفوعة وموقوفة، أو عمن ليس قوله حجة “. وقد أطال ابن تيمية – رحمه الله – النَّفَس في مسألة التوسل والوسيلة، وصنف فيها كتاباً خاصاً مشهوراً ، وساق الخلاف ورجح ما سبق ثم بين أن المسألة خلافية وأن التكفير فيها حرام وإثم؛ لأنها مسألة خفية ليست أدلتها جلية ظاهرة، وبالذي اختاره الشيخ من منع التوسل إلى الله بالرسول – صلى الله عليه وسلم – نقول؛ لأن سد هذا الباب أصفى للتوحيد  وأبعد عن الغلو  خاصة مع ما رُكّب في نفوس العامة من الميل إلى التعلق بالحسيات والتذرع إلى الوقوع في الشرك، مع ملاحظة ما ذكره – رحمه الله – من الاختلاف في المسألة عند أحمد وغيره ، وعند المتأخرين، والقصة المذكورة ليس لها إسناد, ولو فرض أنها صحيحة فلا حجة فيها

الى هنا نصل الى ختام مقالنا الذي و ضحنا فيه حكم التوسل بجاه النبي و اقوال العلماء المختلفين فيما بين الجواز و المنع كما تعرفنا على معنى التوسل بذات النبي و الوسيلة بشكل عام