تبحث الكثير من الأمهات عن علاج صفار الأطفال عند حديثي الولادة حيث تعاني الكثير من الأمهات منه وهو شائع لدى حديثي الولادة، يتم تشخيصه بملاحظة اصفرار لون جلد الطفل وبياض عينيه، حيث يُشير هذا الاصفرار إلى ارتفاع نسبة البيليروبين في الدم لنتعرف أكثر تابعوا معنا .

الصفار عند الأطفال حديثي الولادة والرضع

الصفار يعرف على أنَّه إحدى المشاكل الصحيَّة التي قد تظهر على المواليد الجدد نتيجة ارتفاع مستوى مادة البيليروبين في الدم، وبالتالي يتحوَّل لون الجلد وبياض العينين إلى اللَّون الأصفر وهو حالة شائعة لدى حديثي الولادة، يتم تشخيصها بملاحظة اصفرار لون جلد الطفل وبياض عينيه، حيث يُشير هذا الاصفرار إلى ارتفاع نسبة البيليروبين في الدم و البيليروبين هو صبغة صفراء تنتج عن تحلل خلايا الدم الحمراء الكبيرة، حيث يتم طرح هذه الصبغة خارج الجسم مع البراز والبول بعد أن تمر ببعض القنوات في الكبد ضمن عمليات معقدة، وأي أمر يعطل هذه العملية فإنه سيتسبب بارتفاع نسبة البيليروبين مما يعني تشخيص حالة الصفار عند الطفل.

نسبة الصفار الطبيعية عند حديثي الولادة 12 ملغرام من البيلوروبين لكل ديسيلتر من الدم ونسبة الصفار عند المواليد والتي تتطلب عنايةً خاصة هي التي تصل 16 ملغراماً من البيلوروبين لكل ديسيلتر من الدم، وهذا النوع من الصفار يُمكن مشاهدته بملاحظة اصفرار لون جلد وبياض عيني الطفل لكنه ليس خطيراً.

علاج الصفار عند المواليد

تجب الإشارة إلى أنَّ معظم حالات الصفار الخفيفة تزول من تلقاء نفسها خلال أسبوع أو اثنين من الولادة، وذلك عندما يتمكَّن الجسم من طرح البيليروبين الزائد، وفي الحالات الأكثر خطورة تكون مستويات البيليروبين أقل بكثير من تلك المستويات التي يكون عندها حدوث تلف الدماغ محتملاً، إلا أنَّه من الضروري أن يبدأ علاج الصفار في أقرب فرصة ممكنة

التغذية السليمة

يتسبَّب عدم حصول الطفل على القدر الكافي من التغذية السليمة في فقدانه الكثير من الوزن أو إصابته بالجفاف، لذا قد يكون الرضيع بحاجة ماسَّة إلى تزويده بكميَّة إضافيَّة من حليب الأم من خلال شفط الحليب من الثدي، أو الحليب الصناعي الذي يوصي به الطبيب لفترة قصيرة، ففي حال استخدام طريقة شفط الحليب من الثدي يجب على المرأة الاستمرار والانتظام بذلك حفاظاً على إدرار الحليب في ثديها، أمَّا في حال تزويد الطفل بالحليب الصناعي فهذا يستدعي الاستمرار أيضاً بتغذية الطفل من حليب الثدي وذلك لضمان استمرار إدرار الحليب من الثديين، ومن الجدير بالذكر أنَّ التغذية السليمة التي تُزوِّد الرضيع بكميَّة كافية من الحليب تضمن زيادة كميَّة السعرات الحراريَّة التي يحصل عليها، بالإضافة إلى زيادة ترطيب جسمه بالسوائل، وهذا بدوره يخفض مستويات البيليروبين المرتفعة في جسمه.

وتجب الإشارة إلى أنَّ الاستمرار بتغذية الطفل وتكرارها خلال اليوم يساعد على استمرار حركة الأمعاء لديه أيضاً، والذي بدوره يزيد من فرصة تخلُّص الجسم من البيليروبين، لذا تُعدُّ زيادة عدد مرَّات الرضاعة ضروريَّة في حالة إصابة الرضيع بالصفار، فالطفل الذي يعتمد على الرضاعة الطبيعيَّة في تغذيته يُنصح بإرضاعه كلّ نصف ساعة إلى ساعتين خلال اليوم، وعدم السماح له بالنوم أكثر من أربع ساعات ليلاً دون طعام، فالهدف أن يصل عدد الوجبات المُقدَّمة للطفل من الحليب الطبيعي إلى 10 وجبات على الأقل كلّ 24 ساعة، أما في حال كان الطفل يعتمد في تغذيته على الحليب الصناعي فتجب محاولة زيادة عدد مرَّات تغذيته، بحيث يحصل عليها كلّ ساعتين إلى ثلاث ساعات تقريباً خلال اليوم، مع الحرص على عدم السماح له بالنوم أكثر من 4 ساعات ليلاً دون طعام

كما يجب تتبُّع عدد مرَّات تبرُّز الطفل كلّ يوم خلال الشهر الأوَّل من عُمره، وذلك لأنَّ قِلَّة عدد مرَّات تبرُّز الرضيع تدلُّ على حاجته إلى المزيد من الحليب، فعدد مرَّات التبرُّز تعكس كميَّة الحليب التي يحصل عليها الطفل خلال اليوم، فالطفل الذي يبلغ من العمر 5 أيام أو أكثر يجب أن يتبرَّز على الأقل 3 مرَّات يوميّاً، أما إذا كانت عدد مرَّات تبرُّزه أقل من ذلك فهذا يستدعي زيادة كميَّة وعدد مرَّات تغذية الرضيع خلال اليوم، وتجدر بالمرأة استشارة الخبير المختص بأمور الرضاعة في حال مواجهة أيَّة مشاكل عند تقديم الرضاعة الطبيعيَّة للطفل، إلى جانب الاهتمام بتنظيم جدول يُسجَّل فيه قياس وزن الطفل.

تقديم التغذية البديلة المؤقَّتة للرضيع والمُتمثِّلة باستخدام الحليب الصناعي، أو حليب الثدي الذي يتم شفطه من مُتبرِّع، وذلك بهدف المساعدة على تشخيص الإصابة بالصفار المرتبط بحليب الثدي، فإصابة الرضيع الناضج والسليم بالصفار يُعدُّ من مؤشِّرات الحاجة إلى استخدام مكمِّلات التغذية بديلة حليب الثدي، ويجدر التنبيه إلى أنَّه في حال تطلَّب الأمر التوقُّف مؤقَّتاً عن الرضاعة الطبيعيَّة فإنَّه من الضروري مساعدة الأم على الحفاظ على ضخِّ الحليب وإدراره في الثدي خلال هذه الفترة.

العلاج بالضوء

يُستخدم العلاج بالضوء  غالباً في حالات الصفار الشديدة، وفيه يُوجَّه على جسم الطفل نوع من الأضواء الخاصَّة التي لديها القدرة على اختراق الجلد، وتحويل البيليروبين إلى مادة يسهل على الجسم التعامل معها تُعرَف باللوميروبين، وبهذا يُؤثِّر العلاج بالضوء في مستوى البيليروبين في جسم الطفل، وفي الحقيقة يعتمد قرار البتِّ في إمكانيَّة استخدام العلاج بالضوء لحالة الصفار على رأي الطبيب المختص، ومدى الشعور بالراحة تجاه هذه الطريقة في علاج الطفل، ولكن ثمَّة عوامل أساسيَّة تساعد على اتخاذ القرار بشأن الحاجة إلى استخدام العلاج بالضوء للتخلُّص من الصفار، وهي عُمر الطفل، ومستوى البيليروبين في جسمه، فعلى سبيل المثال من المُرجَّح أن يكون الطفل بحاجة إلى العلاج بالضوء بشكل أكبر كلما كان أصغر سنّاً، ولديه ارتفاع واضح في مستويات البيليروبين، ولكن في حال لم ينجح العلاج بالضوء في خفض مستوى البيليروبين في جسم الطفل، والذي غالباً ما يحدث عندما يعاني الطفل من مشكلة شديدة تُسبِّب الصفار، فهذا قد يستدعي من الطبيب اللُّجوء إلى استخدام أنواع أخرى من العلاج، وعموماً فإنَّ اليرقان الفسيولوجي الذي يُعدُّ من أكثر أنواع الصفار شيوعاً غالباً لا يتطلَّب أكثر من استخدام طريقة العلاج بالضوء.

ومن جانبٍ آخر تُستخدم أحياناً بطانيَّة يوضع الطفل الرضيع عليها مستلقياً تُعرَف باسم بطانيَّة الألياف الضوئيَّة ، وتحتوي هذه البطانيَّة على أضواء صغيرة ساطعة يمكن استخدامها إلى جانب وجود الضوء العلوي المسلَّط على الطفل أو كبديل عنه، ويجدر الذكر أنَّ العلاج بالضوء يُعدُّ من طرق العلاج الآمنة بالنسبة للطفل، والتي يمكن إجراؤها في المستشفى أو حتى في المنزل، خاصَّة عندما تكون مستويات البيليروبين معتدلة، إذ يُستخدم العلاج بالضوء عند الحاجة إليه فقط، وعادة ما يستمرُّ هذا العلاج مدَّة تتراوح بين 2-3 أيام وعند استخدامه يجب الحرص على تغطية الأعضاء التناسليَّة عند الطفل المصاب بالصفار، وحماية عينيه عن طريق تغطيتها برقعات مخصَّصة للعين، وبالرغم من كون العلاج بالضوء من الطرق الآمنة، إلا أنَّه قد يتسبَّب أحياناً في حدوث الطفح الجلدي عند الطفل أو إصابته بالإسهال، كما قد تزيد حاجة الطفل للسوائل، ويمكن تحقيق ذلك بزيادة عدد مرَّات الرضاعة الطبيعيَّة.

قد يُسهم تعريض الطفل لأشعَّة الشمس التي تدخل من نافذة المنزل في خفض مستوى البيليروبين في جسمه أيضاً، فتكون هذه الطريقة مجدية فعلاً في حالة نزع الملابس عن الطفل مع التأكُّد من بقاء درجة الحرارة في المنزل مناسبة فلا يشعر الطفل بالبرد، ويجب التنبيه إلى ضرورة تجنُّب وضع المولود تحت أشعَّة الشمس المباشرة خارج المنزل خوفاً من إصابته بحروق الشمس أما فيما يختصُّ بتغذية الرضيع خلال العلاج فيمكن القول بأنَّ العلاج بالضوء لا يمنع تقديم الحليب الصناعي أو توفير الرضاعة الطبيعيَّة له، فعندما يحين وقت الرضاعة يمكن أخذ الطفل بشكلٍ آمن أثناء العلاج بالضوء وإطعامه دون أن يُقلِّل ذلك من كفاءة العلاج.

وأثناء الخضوع للعلاج بالضوء يأخذ الطبيب أو الأخصائي عيِّنة من دم الطفل عن طريق وخز في الكعب، ويُجرى تحليل الدم على الأقلِّ مرَّة واحدة يوميّاً بهدف تحديد كميَّة البيليروبين في دم الطفل، وتُقاس النتائج مقابل مخطط يساعد على تقييم مستوى البيليروبين في الدم، وعند انخفاض مستوى البيليروبين في مصل الطفل ووصوله إلى مستوى آمن يُوقَف العلاج، أما بعد وقف العلاج فسيكون الطفل بحاجة إلى البقاء في المستشفى والاستمرار بأخذ عيِّنات من دمه وفحصها بهدف التأكُّد من استقرار مستوى البيبليروبين لديه وعدم ارتفاعه مرَّة أخرى

تبديل الدم

تبديل الدم من الإجراءات الطارئة المُعدَّة لإنقاذ حياة الطفل المصاب بالصفار، ويلجأ إليه فقط في حال عدم استجابته للعلاجات الأخرى، أو في حال ظهور علامات الإصابة بمشاكل عصبيَّة خطيرة ناتجة عن سُميَّة البيليروبين ، كالإصابة باليرقان النووي؛ وهي حالة يتم فيها اختزان البيليروبين غير المباشر في أجزاء من الدماغ ممَّا يُسفر عنه حدوث تشنُّجات وحركات في الجسم غير طبيعيَّة، إذ تزداد فرصة حدوث تلف الدماغ عند الأطفال المصابين بالصفار في حال كانت مستويات البيليروبين غير المباشر لديهم مرتفعة جدّاً تتجاوز 20-25 ملغرام/دسل، وهو ما يستدعي إجراء عمليَّة تبديل الدم، والتي فيها يُستبدل دم الطفل المصاب بالصفار بدمٍ مأخوذ من متبرِّع، بهدف خفض مستوى البيليروبين بسرعة في جسمه خلال فترة تتراوح بين 2-3 ساعات.

ويُؤخذ الدم من الطفل ويُعطى له عبر الشريان أو الوريد الموجود في الحبل السري للرضيع، وقد يتطلَّب الأمر تكرار هذا الإجراء في حال بقاء مستوى البيليروبين مرتفعاً، فتكون مُحصِّلة استخدام طريقة تبديل الدم في علاج الصفار خفض مستوى البيليروبين عند الطفل، إلى جانب ارتفاع عدد خلايا الدم الحمراء لديه، وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ الحاجة إلى إجراء تبديل الدم انخفضت منذ أصبح استخدام العلاج بالضوء فعَّالاً جدّاً في علاج حالات الصفار، ومنذ تقدَّم الطبُّ في إيجاد أفضل الطرق التي يمكن من خلالها منع حدوث المشاكل الناجمة عن عدم توافق أنواع الدم مع بعضها.

نقل الغلوبيولين المناعي وريديّاً قد يرتبط حدوث الصفار عند المواليد باختلاف نوع دم الأم والطفل، فقد يحمل دم المولود أجساماً مضادَّة من الأم تُسهم في تحطيم خلايا الدم الحمراء في جسمه، لذا من الممكن أن يُحقن الطفل في هذه الحالة وريديّاً بالغلوبيولين المناعي ، وهو أحد بروتينات الدم التي يمكنها خفض مستوى الأجسام المضادَّة في الدم، والذي بدوره قد يساعد على علاج الصفار عند الطفل وتقليل احتماليَّة الحاجة إلى تبديل الدم.

وبهذا نكون قد وصلنا الى ختام مقالنا الذي كان بعنوان علاج صفار الأطفال عند حديثي الولادة وتعرفنا على طرق العلاج لهده الحالة ودمتم في أمان الله وحفظه.