هناك الكثير من التساؤلات حول هل يجوز الترحم على المنتحر في الإسلام أم أن الله تعالى قد حرَّم ذلك على المسلمين بسبب تحريم الانتحار؟ قبل الإجابة على هذا السؤال ومعرفة الحكم لابد لنا من تعريف الانتحار.  فالانتحار هو قيام الشخص بوضع حد لحياته وإزهاق روحه بشكل متعمد (أي قيام الشخص بقتل نفسه بشكل متعمد)، وهناك الكثير من الأسباب التي تدفع الشخص الى القيام بالانتحار ومنها، اليأس والاضطرابات النفسية بكل أنواعها مثل أن يكون الشخص مصاب بالانفصام أو الجنون والاكتئاب، أو أن يكون بسبب إدمان الكحول أو تعاطي المخدرات بالاضافة الى الكثير من الضغوطات التي تدفع الشخص الى الاقدام على انهاء حياته.

حكم الانتحار في الإسلام

يعتبر الانتحار في الإسلام من أكبر الذنوب وأعظمها في عقيدة أهل السنة والجماعة، وقد حرمه الله تعالى في كتابه العزيز وعلى لسان رسوله الكريم – صلى الله عليه وسلم- في أكثر من حديث صحيح، وأجمع العلماء والفقهاء جميعهم على ذلك، وأيضاً أجمعت المذاهب الفقهية على اختلاف أنواعها على حرمانية الانتحار قطعاً، فلا يجوز لأي انسان عاقل مسلم أن يقدم على الانتحار وقتل النفس تحت أي عذر ومهما كان السبب.  والمنتحر كونه فعل كبيرة من الكبائر المحرمة سوف يعاقبه الله ويحاسبه يوم يلقاه بمثل ما قتل به نفسه لقول النبي صلى الله عليه وسلم، (من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يلجم بها بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا).

هل يجوز الترحم على المنتحر؟

قبل الحديث عن هل يجوز الترحم على المنتحر أم لا، لابد لنا من الإشارة وتسليط الضوء على حكم الصلاة على المنتحر.  ان المنتحر ليس كافراً ولا يخرج من دائرة الاسلام رغم فعله كبيرة من الكبائر المحرمة، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تجوز الصلاة على المسلم المنتحر من عامة المسلمين،  والدليل على ذلك أن النبي أمر الصحابة والناس بالصلاة على رجل كان قد قتل نفسه، ولكن النبي لم يصلي عليه وفي ذلك رجزاً وردعاً وليس تحريم للصلاة عليه.  ويرى الشيخ ابن باز بأن من يقتل نفسه عامدًا يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، لأنه ليس كافرًا، ولأن قتل الإنسان لنفسه معصية ومن الذنوب الكبيرة ولكنَّه ليس بكفر كما يعتقد البعض.

ومن باب الصلاة على المنتحر، فإنه يجوز الترحم عليه، لأنه يعامل مثل معاملة سائر أموات المسلمين، فالصلاة في النهاية ما هي إلا الدعاء للميت وطلب المغفرة والرحمة له من الله تعالى، كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة؛ فحفظت عنه دعائه: اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، إلى نهاية الحديث، وبهذا تجوز الصلاة على المنتحر والترحم عليه.  وأما بالنسبة لإجماع بعضُ من الفقهاء بعدم الصلاة على المسلم المنتحر وعدم الترحم عليه،فإنما كان ذلك زجرًا وتغليظًا وليس بسبب كفره ولا بسبب خروجه عن الدين.

وبهكذا أعزائي القُراء نكون قد وصلنا الى نهاية الحديث عن موضوع هل يجوز الترحم على المنتحر، آملين أن نكون قد قدمنا لكم شرحاً وافياً كاملاً، وشاكرين لكم حسن القراءة.