جلس النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاثة عشر عاماً يدعو بني قريش إلى الإسلام؛ إلا أنهم رفضوا أن يستمعوا له أو أن يأمنوا معه إلا الضعفاء منهم، وعندما اشتد أذى الكفار على المؤمنين رأى النبي أنه من الأفضل له أن يترك مكة ويذهب لمكان آخر أفضل له وللمسلمين؛ فكانت الهجرة للمدينة؛ خصوصاً أن أهلها كانوا قد أسلموا ويحبون النبي والمسلمين؛ ولكن السؤال هنا كيف كان طريق الهجرة من مكة والمدينة ومن كان دليل الرسول في الطريق أنذاك، وكم من الوقت استغرق النبي ليصل للمدينة؛ سنعرض لكم كل هذه المعلومات وأكثر.

دليل الرسول في الهجرة

عبدالله بن أريقط الليثي كان دليل الرسول صلى الله عليه وسلم للهجرة من مكة إلى المدينة، فقد استأجره النبي أنذاك ليدلهم على الطريق إلى المدينة هو وأبو بكر الصديق، ورافقهم أيضاً عامر بن فهيرة، ولم يكن عبدالله مسلماً بل كان مشركاً على دين قريش، والدليل ما قالته عائشة بنت أبي بكر” واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من بني الديل ثم من بني عبد بن عدي هادياً خريتاً، والخريتُ الماهر بالهداية، قد غمس يمين حلفٍ في آل العاص بن وائل وهو على دين كفار قريش، فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثورٍ بعد ثلاث ليالٍ، فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليالٍ ثلاثٍ، فارتحل رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعامر بن فهيرة، والدليل الديلي فأخذتهم طريق الساحل”.

طريق الهجرة من مكة إلى المدينة المنورة

  • الخروج من مكة إلى غار ثور

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صديقه أبو بكر ليلاً من مكة حتى وصلا غار ثور، عندما وصل الرسول وأبو بكر الغار دخل أبو بكر قبل رسول الله ليتأكد من سلامة الغار قبل أن يدخله رسول الله .

  • المكوث في غار ثور

، وبات الرسول وأبو بكر ثلاثة أيام في الغار وكان عبدالله بن أبي بكر يأتي ليلاً لينقل لهم أخبار بني قريش ويبات معهما ليلاً، بعد ثلاثة أيامٍ قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم البدء في المسير،جهزت أسماء بنت أبي بكر سفرتي الطعام التي سيأخدها الرسول وأبو بكر معهما في السفر، وأتت بها إلى الغار وكانت قد ربطت سفرتي الطعام بنصف نقابها والنصف الأخر ارتدته؛ لذلك سماها الرسول بذات النطاقين.

  • بدء المسير نحو المدينة

تواعد الرسول وأبو بكر على أن يلتقوا مع عبدالله بن أريقط عند الغار وأن يحضر معه الجِمال أو الراحلتين التي سيسافران فيها معه إلى الغار، لما وصل عبدالله الغار انتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم قليلاً لينظر إن كان عبدالله قد أحضر معه أحداً أم لا، وعنما أمن رسول الله خرج هو وصاحبه أبو بكر من الغار وبدأوا مسيرهم نحو المدينة من طريق الساحل، وذهب معهم مولى أبي بكر عامر بن فهيرة ومعه غنمه ليمحو أثار سيرهم.

  • تتبُع سراقة بن مالك للرسول وأبي بكر

بعد سفر النبي من الغار كانت قريش قد ثارت وعرضت على من يعثر على النبي وأبو بكر مكافأةً كبيرة قدرها مئة ناقة، سمع سراقة بن مالك بالمكافأة الكبيرة وقرر أن يتتبع أثر النبي وأبو بكر،استتطاع سراقة أن يتقفى أثر النبي وأبو بكر وكان كلما اقترب أكثر منهما تغرس قدما فرسه في الرمل حتى غُرست ركبتيه، ولم يستطع التقدم أكثر؛ فعلم عندها أنه لن يستطيع الامساك بالنبي فطلب منه الأمان، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الأمان على أن يعود لبني قريش ويخبرهم أنه لم يجد النبي وعليهم أن يبحثوا في طريقٍ أخر؛ ففعل ذلك.

  • معجزة الشاة عند أم معبد الخزاعية

واصل النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر مسيرهما إلى المدينة ويتقدهما عبدالله بن أريقط؛ خلال مسيرهما مرا على امرأة عجوز اسمها أم معبد الخزاعية، وسألها النبي إن كان عندها شيءٍ يأكلانه أو يشربانه، فلم يجدا سوى شاة هزيلة لايوجد فيها لبن، فحلبها النبي فأخرجت الكثير من اللبن وسقا المرأة العجوز، وكان هذا من بركة يد الرسول.

  • وصول النبي المدينة المنورة واستقبال الأنصار له

أكمل الرسول وأبو بكر طريقهما حتى وصلا منطقة قباء، والتي بنا فيها الرسول مسجد قباء، واستراحا في المنطقة عدة أيام، والتقيا هناك بعلي بن أبي طالب بعد أن أنجز مهمته في مكة، ثم بعدها أكملو مع علي بن أبي طالب الطريق حتى وصلوا المدينة المنورة واستقبلهم فيها الأنصار أفضل استقبال، حيث تزاحموا من يستقبل الرسول في بيته ومن يحمل ناقته عنه، فقال لهم النبي أن يتروكها؛ لأنها مأمورة من الله عز وجل فوقفت عند أرضٍ لغلامين يتيمين، اشتراها الرسول منهما وبنا فيا المسجد النبوي، وأخا الرسول بين كل مهاجر وأنصاري، وكانوا يشاركونهم أموالهم وبيوتهم، وأصر أبو أيوب الأنصاري على أن يبات الرسول عنده فوافق النبي وأقام عنده فترة من الوقت، وبدء تأسيس الدولة الإسلامية الجديدة في المدينة.

وفي ختام هذا المقال نكون قد أوضحنا من هو الدليل الذي ساعد الرسول وأبي بكر في الوصول للمدينة ،وكيف كان الطريق إليها.