هل تجوز الرحمة على الكافر ، هناك الكثير من الأمور الدينية الجدلية، التي تثير الحيرة والريبة والشك في جواز فعلها أو غير ذلك، ومن المسائل التي تثير الجدل في فعلها أو عدم فعلها الترحم علي الكافر، فهل يجوز فعل ذلك أم لا، هذا ما سنقوم بالرد عليه من خلال التطرق لرأي الشرع والعلماء وأولي الأمر من المفتين.

هل تجوز الرحمة على الكافر:

تعتبر مثل هذه الأمور الخاصة بالترحم علي الكفار غير المسلمين، أو الغير مسلمين وإن كانوا من أهل الكتاب، أو كالمنتحر المسلم والذي يعتبر بانتحاره كافر، فهل يجوز الترحم علي الكفار عموما، هذا ما سنتطرق إليه من خلال مقالنا.

اقرأ أيضاً: حكم دفع صدقة التطوع للكافر الفقير

جواز الترحم علي الكافر:

انقسم المسلمون بخصوص جواز الترحم علي الكافر إلي قسمين، ونذكر بذلك الرأيين اللذان طرحا في كل رأي .

الرأي الأول: جواز الترحم علي الكافر:

قال الله سبحانه وتعالي في سورة الممتحنة: :“لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ”، وهذا يدل علي أن الكفار الذين لم يقاتلوا المسلمين أو يخرجوهم من ديارهم، وكان من أصحاب السمعة الطيبة فيجوز الدعاء له بالرحمة، كما ويري أصحاب هذا الرأي أنه يجوز الترحم علي الكافر الغير مسلم في بعض الحالات، كأن يكون المتوفي الكافر الغير مسلم طيب الخلق والسمعة، وأن يكون محبوبا، وحسن الأخلاق، وأن يكون من الأشخاص الذين احترموا الإسلام ولم يقوموا بالجهر بالعداء له وللمسلمين.

الرأي الثاني: عدم جواز الترحم علي الكافر:

يري أصحاب هذا الرأي بأنه لا يجوز أن نترحم علي الكافر حتي وإن كان طيباً وحسن الخلق، ومشهود له بالصلاح والتقوي، وذلك استناداً لقول الله عز وجل : ”مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ”، وهذه الآية كانت قد نزلت في أبي طالب عم الرسول صلّ الله عليه وسلم، عندما أراد الرسول الحبيب أن يستغفر له ولكن نزلت هذه الآية لكي تنهاه عن ذلك، وذلك بعد أن تبين للرسول بأنه من أصحاب الجحيم، وقد نزلت هذه الآية في موضع معين وشرط معين وموقف معين لأن عم الرسول أبي طالب قد كان يرفض الدخول للإسلام، رغم معاملته الطيبة للرسول الكريم، إلا أنه مات كافراً، أما في وقتنا الحالي لم يعد ممكناً التبين والتيقن من موقف الأشخاص من الآخرة لأن الوحي انقطع في وقتنا هذا، ومن يموت من الكفار لا نعلم كيف سيكون نهايتهم في الآخرة عند الله عز وجل، لأن هذه أمور غيبية لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالي.

وفي نهاية الكلام نقول بأن الأمر منوط بالله عز وجل، إن كتب لهذا العبد بأن يدخل الجنة سيدخل بدعواتنا أو بدونها، وإن كتب لهذا العبد أن يدخل النار فلن تنفعه دعواتنا ولا شيء آخر، لأن الله سبحانه وتعالي هو الأعلى والأعلم بجواز الرحمة علي من، لأنه من فاز برحمة من الله فاز فوزاً عظيم حتي وإن لم يجد من يدعو له، والله تعالي أعلي وأعلم سبحانه عالم الغيب.