استمرت أسعار النفط في الانخفاض حتى نهاية عام 2023 بعد بداية قوية، وبرغم ذلك حققت الأسعار مكاسب سنوية تقدر بنحو 8.5% تقريبًا مسجلة ثاني مكسب سنوي على التوالي.

اشتهرت أسعار النفط الخام بالتقلب بسبب الدور الرئيسي للنفط في الاقتصاد العالمي والعوامل التي لا تعد ولا تحصى التي تؤثر على الأسعار، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية واضطرابات الإنتاج، وفي حين أن الأسعار حققت مكاسب سنوية خلال العام الماضي إلا إنه كان عام متقلبًا، حيث سجلت أعلى مستوي لها في أكثر من 8 أعوام عند حوالي 130 دولار للبرميل في مارس بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، ومع نهاية العام كان السعر يحوم حول 80 دولار، لقد نتج عن تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي واجراءات الإغلاق الصارمة التي قامت بها السلطات الصين بالإضافة إلى قوة الدولار، تراجع النفط بأكثر من 22 % في النصف الثاني من العام الماضي.

عوامل صعودية لأسعار النفط

قال بنك أوف أمريكا إن أسعار النفط سترتفع مرة أخرى فوق 100 دولار للبرميل في عام 2023 حيث يلبي شح المعروض الطلب المتزايد، ويمثل ذلك زيادة بنسبة 26 % في سعر خام برنت القياسي الدولي والذي يتم تداوله حول 80 دولار للبرميل.

ويستعد سوق النفط لمواجهة العديد من العوامل الصعودية هذا العام على خلفية التعافي الاقتصادي الأسرع من المتوقع في الصين بعد الخروج المفاجئ للبلاد من سياسات صفر كوفيد، إلى جانب الركود الضحل في الولايات المتحدة الذي لن يغرق الطلب، وبالتالي فإن هذين العاملين سيعززان نمو الطلب على زيت برنت والنفط الخام ويكشفان عن نقص حاد في المعروض، ما يساهم في دعم الأسعار أيضًا هو تراجع الإنتاج الروسي وسط استمرار العقوبات وانخفاض مستويات الانتاج لأوبك بلس وانخفاض الاستثمار الرأسمالي في الإنتاج من خارج أوبك وغياب اتفاق نووي إيراني.

لهذا من المرجح أن تتصاعد التوترات بين أوبك بلس والمستهلكين العالميين بقيادة الولايات المتحدة، حيث تريد أوبك حماية أرضية سعرية تبلغ حوالي 90 دولار للبرميل لخام برنت، وهو ما يتعارض مع الأسعار المنخفضة التي يريدها المستهلكون، ومن المرجح أن الأسعار المرتفعة ستدفع الولايات المتحدة إلى التدخل مباشرة في الأسواق ومعاقبة تحركات الدول المنتجة للنفط التي ترى أنها ( على الأقل جزئيًا ) ذات دوافع سياسية.

استمرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي

في غضون ذلك، سترتفع أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة و “تشعر بالضغط” من حاجة الاتحاد الأوروبي إلى إعادة بناء مخزون الغاز في الربع الثاني من هذا العام في ظل غياب الإمدادات الروسية الرخيصة.

من المرجح أن يؤدي التعافي الاقتصادي الصيني وزيادة الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال إلى دفع أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة إلى ما يقرب من 8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية أو أكثر.

في العام الماضي تجاوز الغاز الطبيعي 8 دولارات حيث غذى الطلب الأوروبي مكاسب الأسعار في الولايات المتحدة، وقد تراجعت منذ ذلك الحين وسط طقس دافئ بشكل غير معتاد وتم تداولها حول سعر 4.056 دولار مع نهاية عام 2023.

باختصار، ستكون فترة الراحة في أسواق الطاقة هذا الشتاء مؤقتة، فالعاصفة قادمة قبل أن تتسبب أزمة الطاقة المتجددة في زيادة الضغط على المستهلكين وتفرض ضغوطًا مالية على الحكومات وتعميق الانقسامات بين الدول المتقدمة والنامية والولايات المتحدة و دول الخليج.