الوطنية أو الكبرياء الوطني هو الشعور بالإخلاص والإحساس بالارتباط بالوطن والتحالف مع المواطنين الآخرين الذين يشاركونك نفس الشعور، يمكن أن يكون هذا الارتباط مزيجًا من العديد من المشاعر المختلفة المتعلقة بوطن الفرد ، بما في ذلك الجوانب العرقية أو الثقافية أو السياسية أو التاريخية، ويشمل مجموعة من المفاهيم المرتبطة ارتباطًا وثيقًا .

القصة الأولى

رحل مازن وعائلته عن ارضه ووطنه بسبب الحروب والقتل والدمار، وهاجر الاب بعائلته إلى أمريكا ، وأستقر هناك وعاش وألتحق مازن بالمدرسة، والأب بالعمل ، وكل شيء أصبح ذكرى في قلوبهم، ومع مرور السنوات ، وفي أحد الأيام طلب المعلم من التلاميذ بالصف رسم علم وطنهم الحبيب ” أمريكا ” ، رسم مازن العلم الأمريكي بفخر وذهب لوالده ليريه العلم وهو سعيد فخور بجنسيته الجديدة وأرضة الجديدة .

نظر الأب بحزن شديد قائلا : ولكن أمريكا ليست وطنك يا ولدي فوطنك هناك بسوريا ، ولكننا نحيا هنا ونعمل بأمريكا من أجل لقمة العيش فقط، ليست هذه أرضنا ولا وطننا الحقيقي ، نظر مازن إلى الأب قائلا : ولكن يا أبي نحن معنا الجنسية الأمريكية وأمريكا هي وطننا الجديد، نظر الأب والحزن بادي على ملامحة قائلا أستمع يا ولدي إلى تلك القصة :

كان ياما كان، كان هناك عصفورتان صغيرتان تعيشان في بقعة من أرض الحجاز قليلة الماء وشديدة الحر والهواء ، وفي أحد الأيام بينما كانت تتجاذبان أطراف الحديث وتشكيان لبعضهما صعوبة ظروف الحياة والحر و الجوع والمرض ،هبت عليهما نسمة ريح عليلة قوية وجميلة آتية من أرض اليمن، فسعدت العصفورتان بهذه النسمة  وشعروا بالسعادة والراحة والاستمتاع وأخذتا تزقزقان نشوة وفرح  بالنسيم العليل والهواء البارد، وعندما رأت نسمة الريح العصفورتين الجميلتين تقفان على غصن بسيط وحقير يابس مقفر من شجرة وحيدة في المنطقة، استغربت النسمة من أمرهما .

قالت النسمة الجميلة : أيتها العصفورتان الجميلتان، عجبا لأمركما، فكيف تقبلان وأنتما بهذا الحسن  والجمال وهذه الرقة  الشديدة أن تعيشا في أرض مقفرة كهذه، لو شئتما أستطيع حملكما معي وأخذكما إلى اليمن من حيث جئت للتو، فهناك ستجدان مياه عذبة باردة طعمها ألذ من العسل، وستأكلان حبوبا تكاد لحلاوة طعمها أن تكون سكرا ، قالت العصفورة  : يا نسمة الريح، أنت ترتحلين كل يوم من مكان إلى مكان، وتنتقلين من أرض إلى أرض، ولذلك فأنت لا تعلمين معنى أن يكون للمرء وطن يحبه ويشتاق له، فارحلي يا نسمة الهواء مشكورة، نحن لا نبدل أرضا ولو كانت جنة على الأرض بوطننا  الذي ننتمي إلية .

نظر مازن إلى والده بحزن قائلا : وهل سنعود يوما إلى وطننا سوريا يا أبي ، رد الأب قائلا بثقة : سنعود يا ولدي مهما طال البعاد سنعود، وهنا رسم الاب علم سوريا لابنه ورسمه مازن في كراسة الرسم وذهب إلى مدرسته في اليوم التالي وعندما قال المعلم كل طفل يرفع رسمته ليرى علم وطنه، وجد جميع الاعلام لأمريكا إلا علم مازن كان مختلف وهو العلم السوري ، فنظر المعلم لمازن وسأله لماذا لم ترسم علم أمريكا يا مازن فرد الطفل بكل فخر قائلا :لأنه ليس علمي يا سيدي فعلمي هو علم وطني سوريا .

القصة الثانية

كان رجلًا يعمل في تهريب البضائع الغذائية من بعض البلدان المجاورة لبلاده، وكان هدفه الأول من هذه التجارة هو توفير السلع لأهل بلاده، وذلك لقلة توافرها بالسوق ولغلاء التجار في أسعارها، فكان هذا الرجل يأتي بهذه البضائع بأسعار زهيدة، وحينما علمت الحكومة بأمره أصدرت قرار للقبض عليه، لأنه اخترق قوانين بلاده، إلا أن هذا الرجل استطاع التخفي كثيرًا عن أعين السلطات.

وفي أحد الأيام أثناء اختباء هذا الرجل، في إحدى الكهوف الموجودة في جبال قريته التي تقع على الحدود، فإذا به يعثر على رجل مصاب يتحدث بلهجة أهل القرية، فظن أنه من أهل القرية أو أي من القرى المجاورة، فهم الرجل بمساعدة هذا المصاب ومداوته ومعالجة جرحه، وذهب لبيته كي يحضر له بعض الطعام.

وحين عودة هذا التاجر لمنزله، فإذ به يجد زوجته تستمع للمذياع، وحينها أخبرته بأن كان هناك غارة على البلاد، واستطاع الجنود إسقاط طائرة العدو، والآن الجنود يبحثون عن الطيار الذي أسقطوا طائرته، لأن هذا الطيار من الأعداء المجرمين.

وطلب الرجل من زوجته أن تصف له أوصاف هذا الطيار، كما تم وصفه في النشرات بالمذياع، فحينما وصفته له وجد هذا التاجر أن الطيار هو نفس الشخص المصاب الذي عالجه، فرجع التاجر للكهف، وحينما ذهب وجد الطيار مستيقظًا، فسأله أأنت ذاك الطيار الذي تم إسقاط طائرته؟.

فأجابه الطيار نعم أنا، وماذا تريد مني الآن؟.

أجابه التاجر أنه يريد أخذه للسلطات من أجل إلقاء القبض عليه، وتلقي عقابه لأن من مثله لا يليق به سوى قتله.

قال الطيار للتاجر، ولكنك يبدو أنك هارب من السلطات، وأن ذهبت بي للسلطات، سيتم الزج بي وبك في نفس السجن.

إلا أن التاجر أصر على تسليم الطيار، وفي لحظة شرود منه استغل الطيار هذا الأمر، وحاول الغدر به،
إلا أن الرجل أدرك نية الطيار، واستطاع المقاومة وضرب الطيار على رأسه حتى وقع على الأرض مغشيًا علي.

بعدما فقد الطيار وعيه، حينها قام التاجر بحمل الطيار على كتفه، وذهب به للسلطات وقام بتسليمه، وقال للجنود في المخبر، ها أنا الآن قد جئت إليكم ومعي عدوي وعدوكم، أما عن أنا فإني غير مبالي بما ستفعلون بي، فإن أردتم وضع الأصفاد في يدي، أو أردتم سجني فأنا غير مبالي، فكل ما يهمني هو أن لا أغدر ببلادي وأظل وفيًا لها.

حينها قام رئيس المخفر، وقبل جبين التاجر وأعلن إطلاق سراحه، قائلًا له أن من مثله لا يستحق سوى أن يكون من الأحرار، لأن ما قام بفعله يستحق التكريم، ولأن من مثله لا يستحق الزج به خلف القضبان، وبعدها عاد التاجر لحياته واستمر في عمله، وهو إحضار البضائع الرخيصة لأهل القرية، ولكن بعلم من السلطات وتحت أنظارهم، فها هو اليوم أصبح من الأبطال الذين قدموا لبلادهم ما لا يُقدر بثمن.

وبهذا نصل لختام  هذا المقال، وقد ذكرنا لكم فيه قصتين يمكن سردها لأطفالكم من أجل غرس قيم الوطنية وحب الوطن في نفوسهم، ودمتم في حفظ الله.