ربما لم يتسبب تعبير في القرآن الكريم في جدل في العقود الأخيرة أكثر مما تسبب فيه تعبير “ما ملكت أيمانكم”. فالتعبير كما تم شرحه في التفاسير وكتب الفقه التقليدية هو تعبير عن الرقيق من النساء (أي العبدة أو الأمة).  ومن خلال المقال سوف نقوم بالإجابة الدقيقة لمعرفة تفسير هذه العبارة بشكل مفصل.

تفسير آية وما ملكت أيمانكم:

قال تعالى في سورة النساء: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً).

والمقصود  في من ملك اليمين في هذه الآية الكريمة هم الرقيق عموماً سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، وقد يكون المقصود منها على وجه الخصوص النساء المملوكات وهن ملك اليمين أو السراري التي يباح للرجل أن يتمتع بها بملك يمينه بدون عقد زواج، وقد جاء ذكر ملك اليمين في آية أخرى في كتاب الله وهي، قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ*إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ).  وقيل في تفسير معنى ملك اليمين أنهن الإماء التي كانوا يملكونها فتكون من جملة أموالهم وليس من أجل إقامة علاقة جسدية معهم، حيث أن القران لم يبح القيام بذلك، وكان إضافة هذا المال إلى اليمين لأن الإنسان يتكسب بيمينه غالباً، وقد ذكر ابن القيم الحكمة في إباحة ملك اليمين وعدم قصرها على أربع كما في حال نكاح النساء بعقد، وأن ذلك من تمام رحمة الله وتوسعته على العباد، فبعض الرجال لا تندفع شهوته بواحدة أو أربع، كما أنه غير مطالب بالعدل في ملك يمينه بينما هو ملزم بالعدل مع نساءه اللاتي عقد عليهن فقط.

حقوق ملك اليمين:

أمرت الشريعة الإسلامية بالإحسان إلى الجواري المملوكة وغيرها من الرقيق، وعدم تكليفهن بما لا يطقن من الأعمال، وقد وردت في ذلك أحاديث كثيرة منها: قول النبي صلى الله عليه وسلم في أخر وصاياه وهو على فراش الموت: ” الصلاة وما ملكت أيمانكم، الصلاة وما ملكت أيمانكم، فجعل يرددها حتى ما يفيض بها لسانه”. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن حبان عن أنس.   بالإضافة الى أنه على الانسان أن يلبسهن مما يلبس، وأن يطعمهن مما يطعم حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم عن أبو موسى الأشعري أن النبي قال: ” ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها ثم أدبها فأحسن أدبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران” .  كما رغبت الشريعة الإسلامية في عتق الرقاب وجعلته سببا للنجاة من النار، كما نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن سوء مخاطبة الرقيق بأن يقول الرجل فتاي وفتاتي بدلاً من قوله عبدي وأمتي، وأيضاً نهت الشريعة عن ظلم الرقيق وجعلت ظلمهم أحياناً سبباً في عتقهم.

الى هنا نكون قد اختتمنا تفسير قوله ” ما ملكت أيمانكم “، آملين أن تكون الإجابة كافية وشاملة وشاكرين لكم حسن القراءة أعزائي القُراء.