ما هي مخاطر ارتفاع الدولار على الاقتصاد العالمي، أدى الانخفاض في قيمة الدولار الأميركي بنسبة 10% تقريبا-منذ وصوله لأعلى مستوى له في شهر مارس- إلى ظهور سيناريوهين متميزين: الأول يتبنى منظورا قصير الأجل يركز على الإفادة التي يصنعها انخفاض سعر الدولار للاقتصاد الأميركي. والثاني يحمل منظور بعيدة يعكس التوتر من الوضع الغير مستقر للدولار كعملة احتياطية في العالم، وكلتا الروايتين تعكسان بعض الحقيقة.

 

أثر ارتفاع قيمة الدولار على الاقتصاد العالمي.

لقد قامت الصحيفة البريطانية “فايننشال تايمز” بنشر تقرير، تحدثت فيه عن المخاطر الناتجة عن الارتفاع السريع في قيمة الدولار على اقتصاد العالم وخاصة في الدول النامية، التي تواجه أزمات متكررة ومتراكمة،أشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن ارتفاع قيمة الدولار، وهو عملة أكثر الاقتصادات مرونة في العالم من المتوقع أن يساهم في إيجاد تغيرات على اقتصاد العالم، ومع تقليل الضغوط التضخمية في الولايات المتحدة الأمريكية فإن هذا يقوي صادرات البلدان الأضعف، حيث أن ارتفاع قيمة الدولار بشكل سريع في هذا الوقت وفي هذه الظروف سيهدد رفاهية الاقتصاد في العالم والذي هو يعاني أصلا كما أنه سيؤثر سلبا على الأسواق المالية المترنحة.

مؤشر ارتفاع قيمة الدولار.

حسب مؤشر “دي إكس واي” وهو مؤشر لمتابعة قيمة العملات في العالم، فإنه ومنذ بداية العام ارتفعت قيمة الدولار بنسبة 10%، ومع تحسن قيمة غالبية العملات ارتفع سعر الدولار بنحو 16% وذلك في مدة 12 شهر، وقد أدى هذا إلى تسجيل مؤشر “دي إكس واي” أعلى مستويات لم يصل إليها منذ فترة تقدر ب 20 عام.

عوامل ارتفاع قيمة الدولار.

أشارت الصحيفة إلى أن هناك عوامل أدت إلى حدوث ارتفاع في قيمة الدولار، وهي كالتالي:

  • توقعات بقيام مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي بترفيع أسعار الفوائد بنسبة أكبر من البنوك الأخرى في باقي دول العالم المتقدم.
  • تفوق الولايات المتحدة الاقتصادي وزيادة الاستثمار من خلال جذب رؤوس الأموال من دول العالم نحوها.
  • جاذبية وجودة الملاذ النسبي التي تتمتع بها أسواقها المالية.

ردود الفعل السياسية على العجز القياسي للولايات المتحدة.

تطرقت الصحيفة إلى ردود الفعل السياسية على ضعف قدرة الولايات المتحدة الأمريكية التنافسية ولعبها دور في العجر التجاري القياسي يعد إلى الآن قليلا مقارنة مع الماضي حيث كان لارتفاع سعر الدولار أثر وتهديد باندلاع حروب تجارية، أما اليوم فإن سوق العمل القوي في الولايات المتحدة الأمريكية يواجه اضطرابات وترنحات محتملة، كما أنه من الصعب إعادة الاستقرار للسوق والاقتصاد العالمي، وهناك مخاطر كبيرة على الدول النامية التي تكثر فيها الأزمات الاقتصادية والأزمات الغذائية وأزمات الطاقة في ظل عدم قدرتها على سداد ديونها المتراكمة، حيث أن ارتفاع قيمة الدولار بالنسبة لغالبيتها يرجع إلى زيادة تكاليف خدمة الديون الخارجية والارتفاع في أسعار الواردات ونمو وتعاظم مخاطر الاضطراب المالي.

وفي النهاية سنجد أن الأسواق المالية تواجه مخاطر ناجمة عن ارتفاع سعر الفائدة، لهذا لجأ الاحتياطي الفيدرالي لمكافحة التضخم، وفي سياق هذه العملية، تحول الاضطراب من القضايا الحكومية إلى قطاعات أخرى ، مع ازدياد ونمو المخاوف حول اشتداد الأوضاع المالية وفي الوقت الحالي هناك قلق من تباطؤ النمو الاقتصادي في العالم.